اتفقت الأديان الإبراهيمية الثلاثة على فكرة الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، فجميعها تنادي بالجمع بين الإيمان وعبادة الواحد الأحد من جهة وبين السعي بالرزق وعمارة الدنيا من جهة أخرى دون تضاد أو تقاطع بين هذين الاتجاهين وتنهى عن توجيه جَل الوقت والجهد لأحدهما على حساب الأخر بل يسيران بنفس الاتجاه .
.. هذا مختصر رسالة الأنبياء . .
لكن ماذا حدث بعد توالي العهود واختلال المفاهيم ؟
ظهرت اتجاهات عقائدية تتحدث باسم الرب ورسله فطائفة تحمل مفاتيح الجنة وأخرى تحمل مفاتيح النار وجميعهم أربابا وأتباعا وصلوا إلى هذا العقائد بسبب محدودية النظرة وسوء فهم الدين كنظام ومرشد دنيوي قبل أن يكون أخروي ، وعلى اثر هذه التوجهات المغرقة بالأحكام والتحكم تنامت التوجهات الروحانية التي تعتمد الرهبنة والدروشة وهجر الحياة وملذاتها. ثم مالبث هذا الأتجاة الروحاني أن عاد لينخرط في الحياة لكن عاد بتوجه يخلط بين الوسطية المطلوبة والتمييع الذي ينم عن التذبذب وسوء فهم الدين كنظام روحي وقيمي له تشريعاته وتوجيهاته ، وخلال هذه الإرهاصات تظهر فئات تتخذ الدين واحكامة ومظاهره ثغرات تمرر من خلالها رغباتها الدنيوية والسلطوية فتجيش الجيوش وتجمهر الجماهير تحت لواء نصرة الله المزعوم .
هذه الانتقالات مرت بها جميع الأديان وكل انتقال خلَف وراءه طائفة لها ربا من دون الله ومنَظرآ يكاد يكون بمنزلة نبي لايصح انتقاده . فكان التشدد وكثرة التشريعات وتعقيداتها والعداء للأخر عنوانا لليهودية ، وكان التنصل من التكاليف الربانية وصهر العبادات عنوانا للمسيحية .
والإسلام اليوم تسمى به الجميع وكلا يدعي له وصلا وتحت كل مسمى طوائف متفاوتة في التعنت أو التفريط ، فنجد التناحر والتنابز بالألقاب على أشده فكلا يشد الإسلام نحوه ويطعن بخصمه .
فأين سيكون مرفأ سفينة المسلمون اليوم ؟ إلى الشموع الكنسية أو الأفعى اليهودية ! !
أوسيكونون الآمة الوسطا حقا وهذه الوسطية ماهي الامرحلة قادمة مازلنا نعاني ونعيش اكتمال طورها الأول .